الاثنين، 7 ديسمبر 2015

آخر الزمان

عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال :

قال رسول الله صل الله عليه وسلم :

« يأتي على الناس زمان الصابر فيهم على دينه كالقابض على الجمر »

رواه الترمذي




هذا الحديث يقتضي خبرا وإرشادا .


أما الخبر


التمسك بالسنة في زمن الفتن


، فإنه صل الله عليه وسلم أخبر أنه في آخر الزمان يقل الخير


وأسبابه ، ويكثر الشر وأسبابه ، وأنه عند ذلك يكون المتمسك بالدين من


الناس أقل القليل ، وهذا القليل في حالة شدة ومشقة عظيمة ، كحالة


القابض على الجمر ، من قوة المعارضين ، وكثرة الفتن المضلة ، فتن


الشبهات والشكوك والإلحاد ، وفتن الشهوات وانصراف الخلق


إلى الدنيا وانهماكهم فيها ، ظاهرا وباطنا ،


التمسك بالسنة في زمن الفتن


وضعف الإيمان ، وشدة التفرد لقلة المعين والمساعد .


ولكن المتمسك بدينه ، القائم بدفع هذه المعارضات والعوائق


التي لا يصمد لها إلا أهل البصيرة واليقين ، وأهل الإيمان المتين ،


من أفضل الخلق ، وأرفعهم عند الله درجة ، وأعظمهم عنده قدرا .


وأما الإرشاد


التمسك بالسنة في زمن الفتن


، فإنه إرشاد لأمته ، أن يوطنوا أنفسهم على هذه الحالة ،


وأن يعرفوا أنه لا بد منها ، وأن من اقتحم هذه العقبات ،


وصبر على دينه وإيمانه - مع هذه المعارضات -


فإن له عند الله أعلى الدرجات،وسيعينه مولاه على ما يحبه ويرضاه ،


فإن المعونة على قدر المؤونة .


التمسك بالسنة في زمن الفتن


وما أشبه زماننا هذا بهذا الوصف الذي ذكره صل الله عليه وسلم ،


فإنه ما بقي من الإسلام إلا اسمه ، ولا من القرآن إلا رسمه ،


إيمان ضعيف ، وقلوب متفرقة ، وحكومات متشتتة ،


وعداوات وبغضاء باعدت بين المسلمين ، وأعداء ظاهرون وباطنون ،


يعملون سرا وعلنا للقضاء على الدين ، وإلحاد وماديات ،


التمسك بالسنة في زمن الفتن


جرفت بخبيث تيارها وأمواجها المتلاطمة الشيوخ والشبان ،


ودعايات إلى فساد الأخلاق ، والقضاء على بقية الرمق .


ثم إقبال الناس على زخارف الدنيا ، بحيث أصبحت هي مبلغ علمهم ،


وأكبر همهم ، ولها يرضون ويغضبون ، ودعاية خبيثة للتزهيد في الآخرة ،


والإقبال بالكلية على تعمير الدنيا ، وتدمير الدين واحتقاره والاستهزاء بأهله ،


وبكل ما ينسب إليه ، وفخر وفخفخة ، واستكبار بالمدنيات


المبنية على الإلحاد التي آثارها وشررها


[ وشرورها قد شاهده العباد . ]


التمسك بالسنة في زمن الفتن


فمع هذه الشرور المتراكمة ، والأمواج المتلاطمة ،


والمزعجات الملمة ، والفتن الحاضرة والمستقبلة المدلهمة -


مع هذه الأمور وغيرها - تجد مصداق هذا الحديث .


ولكن مع ذلك ، فإن المؤمن لا يقنط من رحمة الله ،


ولا ييأس من روح الله ، ولا يكون نظره مقصورا على الأسباب الظاهرة ،


التمسك بالسنة في زمن الفتن


بل يكون متلفتا في قلبه كل وقت إلى مسبب الأسباب ، الكريم الوهاب ،


ويكون الفرج بين عينيه ، ووعده الذي لا يخلفه ،


بأنه سيجعل له بعد عسر يسرا ،


وأن الفرج مع الكرب ،


وأن تفريج الكربات مع شدة الكربات وحلول المفظعات .


فالمؤمن من يقول في هذه الأحوال :


" لا حول ولا قوة إلا بالله " و" حسبنا الله ونعم الوكيل .


على الله توكلنا . اللهم لك الحمد ، وإليك المشتكى .


وأنت المستعان . وبك المستغاث .


ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم "


التمسك بالسنة في زمن الفتن


ويقوم بما يقدر عليه من الإيمان والنصح والدعوة .


ويقنع باليسير ، إذا لم يمكن الكثير .


وبزوال بعض الشر وتخفيفه ، إذا تعذر غير ذلك :


{ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا }


،


{ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ } ،


{ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا } [ الطلاق : 2 ، 3 ، 4 ]


والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ،


وصل الله على محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين .


يامثبت القلوب ثبتنا على دينك

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق