السبت، 5 ديسمبر 2015

المسلم الذي يتمسك بدينه، ويستقيم على أمر ربه، وخاصة عند كثرة الفتن، يحصل له فضل عظيم، فقد أخرج مسلم في صحيحه برقم (2948) من حديث معقل بن يسار، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ((العبادة في الهرج كهجرة إلى)) وقد فُسر الهرجُ في الحديث، بمعنى الفتنة واختلاط أمور الناس، لأن الغالب في زمن الفتن كثرة الفساد، من القتل والاعتداء والظلم، والتعلق بحب الدنيا.
• وسبب كثرة فضل 
العبادة أيام الفتن، أن الناس يَغفلون عنالعبادة فيها، ويشتغلون عنها، ولا يتفرع لها إلا الأفراد. والعبادة عامة في كل ما يحبه الله ويرضاه، من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة، وفي هذا الزمن، قد كثرت مخالفات الناس لأمر الله، وغفل كثير منهم عن اتباع السنة، والتمسك بالدين، والقيام بالعبادة، واشتغلوا بشهوات الدنيا، وزخارفها ومعاملاتها.
• فمن يُقبل على أنواع العبادة، ويكثر منها في زمن 
الفتنوظهورها، مخلصاً لربه، راغباً في الدار الآخرة، يرجو رحمة ربه، زاهداً في الدنيا، مقتدياً بالسنة المطهرة، متبعاً لهدي القرآن، تاركاً ما نهي الله تعالى ورسوله عنه، من أنواع الشرك والبدع والكبائر وسائر المعاصي، فله أجر المهاجر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن قَلَّ عمله وقَصَّر فيه، فهذا مفهوم الحديث، أن العبادةَ أيام الفتن كهجرة إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
• ولما كانت 
الفتن سريعة الانتشار بين الناس، أمر النبي صلى الله عليه وسلم أمته أن يسارعوا بالأعمال الصالحة قبل أن تحول الموانع بينهم وبين عمل الصالحات، ليتخذوا منها زاداً لمعادهم ينجيهم من عذاب الله، ففي صحيح مسلم برقم (118) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال : ((بادروا بالأعمال فتناً كقطع الليل المظلم يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا، ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا، يبيع دينه بعرض من الدنيا)).
• قال القرطبي في المفهم (1/326) ((لأن المحن والشدائد إذا توالت على القلوب أفسدتها بغلبتها عليها، وبما تؤثر فيها من القسوة، ومقصود هذا الحديث الحض على اغتنام الفرصة، والاجتهاد في أعمال الخير، والبر عند التمكن منها قبل هجوم الموانع)).
• وكان السلف يَحذَرون 
الفتن عند حلولها، فكانوا يُسابقونها بالعمل الصالح، ومن ذلك تذكير الناس ونصحهم وحثهم على التثبت وعدم الخوض فما لا يعنى، كما أنهم أحبوا السلامة في زمن الفتن، فسكتوا عن أشياء كثيرة طلباً للسلامة في دينهم، لأن الأقوال والأعمال والتصرفات في وقت الفتن، لها أثر كبير في تغيير أحوال الناس وتحول قلوبهم.
• فا المستقيم على دين الله، السائر على منهج النبوة عند تغيير الأحوال ونزول الفتن، واتباع الأهواء وانتشار الضلال، وانقطاع المعين وتقطع السبيل، وُعِد بالأجر والثواب العظيم، لأن مثل هذه 
العبادة لا تكون إلا من قلبِ مؤمنِ صادقِ في إيمانه، ثابتِ على دينه، راسخ في يقينه، متبعٍ لهدي نبيه. حفظنا الله جميعاً من شر الفتن ما ظهر منها وما بطن.
والله ولي التوفيق.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق